تعد إدارة المعلومات أكثر أهمية من أي وقت مضى لأن غالبية الشركات الكبيرة لديها مشكلة في البيانات. فبينما تدعي الكثير من الشركات الكبيرة أنها “تعتمد على البيانات” وتركز على الاستفادة من التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي ، تشير الأدلة إلى أن القليل منهم يدعمون هذا الحديث بأفعال حقيقية. في هذا السياق، تصبح حوكمة المعلومات، وحماية البيانات وأمنها، والخصوصية، والأمن السيبراني، من الموضوعات المهمة التي يتعين على مجالس الإدارة والهيئات الأكاديمية مراعاتها. أدى الاهتمام بالأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات جنبًا إلى جنب مع تغيير لوائح الخصوصية إلى ظهور تحديات جديدة في مجال الحوكمة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي، والتي تم إجراؤها في السنوات الأخيرة. أن الأمن السيبراني وخرق البيانات، هي من أهم القضايا التي تواجه مجالس الإدارة والذي يبرز أهمية أمن المعلومات ، والامتثال التنظيمي.
ماذا نعني بالحوكمة ؟
الحوكمة وحسب ما جاء في ويكيبيديا، الموسوعة الحرة : ” هي النشاط الذي تقوم به الإدارة. وهي تتعلق بالقرارات التي تحدد التوقعات، أو منح السلطة، أو التحقق من الأداء. وهي تتألف إما من عملية منفصلة أو من جزء محدد من عمليات الإدارة أو القيادة.”
في السياق الأكاديمي ، تعني “الحوكمة” أنظمة وإجراءات الرقابة التي تنفذها هيئة التعليم العالي بهدف الإشراف والتأكد من أن مؤسسات التعليم العالي والنظام يفيان بشكل جماعي بالنتائج المتوقعة.
تشير الدكتورة نوف عبد العزيز الغامدي في مقال لها بعنوان ” حوكمة الجامعات والبحث العلمي” إلى أن الحوكمة لا تتجسد في مجرد معايير ومبادئ وآليات رقابية دقيقة، وإنما هي استثمار حقيقي بما تحمله من شفافية ومبادئ ومعايير لتصبح الحوكمة في الجامعات ثقافة إدارية وسلوكية.
من أهم مبادئ الحوكمة الشفافية والمساءلة والمساواة والمشاركة الفاعلة المتعلقة بجودة صنع القرار، وذلك بتفعيل المشاركة الداخلية والخارجية من خلال إيجاد نظام يساعد في التمثيل الفعال لجميع المستويات في عملية صنع القرارات، وهنالك علاقة إيجابية بين تطبيق الحوكمة وتحقيق الجودة والتميز، ويتحقق من خلالها الرضا الوظيفي والولاء التنظيمي لمنسوبي الجامعات، بالإضافة إلى رضا المجتمع عن الجامعات وأدائها.
تعريف حوكمة المعلومات
حوكمة المعلومات هي إطار عمل للمساءلة واتخاذ القرار يتم وضعه لضمان التعامل مع إنشاء المعلومات وتخزينها واستخدامها والإفصاح عنها وأرشفتها والتخلص منها وفقًا للمتطلبات القانونيةـ وبما يضمن زيادة كفاءتها التشغيلية إلى أقصى حد. وهي تشمل العمليات والأدوار والسياسات والمعايير التي تضمن الاستخدام المتوافق والفعال للمعلومات، والذي يساهم في تمكين المؤسسة من تحقيق أهدافها. تُعد المعلومات أحد الأصول الرئيسية للجامعة، كما وتُعد إدارة المعلومات واستخدامها أمرًا أساسيًا لتحقيق أهداف الجامعة الأوسع على النحو المنصوص عليه في الرؤية والاستراتيجية
تعريف حوكمة البيانات
حوكمة البيانات هي نظام لتحديد من يمتلك داخل المؤسسة السلطة والتحكم في أصول البيانات وكيف يمكن استخدام أصول البيانات هذه. وتشتمل على الأشخاص والعمليات والتقنيات اللازمة لإدارة أصول البيانات وحمايتها.
يُعرِّف معهد إدارة البيانات حوكمة البيانات على أنها “نظام لحقوق اتخاذ القرار والمساءلة للعمليات المتعلقة بالمعلومات ، يتم تنفيذه وفقًا للنماذج المتفق عليها والتي تصف من يمكنه اتخاذ الإجراءات مع أي معلومات ، ومتى ، وتحت أي ظروف ، وباستخدام أية طرق . ”
تعرف رابطة إدارة البيانات الدولية (DAMA) حوكمة البيانات بأنها “التخطيط والإشراف والسيطرة على إدارة البيانات واستخدام البيانات والمصادر المتعلقة بالبيانات”. تعد حوكمة البيانات جزءًا واحدًا فقط من النظام العام لإدارة البيانات، وهي تتعلق بالأدوار والمسؤوليات والعمليات لضمان المساءلة عن أصول البيانات وملكيتها ، فيما تتعلق إدارة البيانات مصطلح بالعمليات المستخدمة للتخطيط ، والتحديد ، والتمكين ، والإنشاء ، والاستحواذ ، والصيانة ، والاستخدام والأرشفة والاسترداد والتحكم وتطهير البيانات.
إطار حوكمة البيانات
من الأفضل التفكير في حوكمة البيانات على أنها وظيفة تدعم استراتيجية إدارة البيانات الشاملة للمؤسسة. يوفر إطار عمل حوكمة البيانات لمؤسستك نهجًا شاملاً لجمع البيانات وإدارتها وتأمينها وتخزينها. تتصور DAMA إدارة البيانات كعجلة تنطلق منها مجالات المعرفة العشرة الآتية:
• هندسة البيانات: الهيكل العام للبيانات والموارد المتعلقة بالبيانات كجزء لا يتجزأ من بنية المؤسسة
• نمذجة البيانات وتصميمها: التحليل والتصميم والبناء والاختبار والصيانة
• تخزين البيانات والعمليات: نشر وإدارة وتخزين أصول البيانات المادية للمنظمة
• أمن البيانات: ضمان الخصوصية والسرية والوصول المناسب
• تكامل البيانات وقابلية التشغيل البيني: الاكتساب والاستخراج والتحويل والحركة والتسليم والنسخ والدعم التشغيلي
• المستندات والمحتوى: تخزين وحماية وفهرسة وتمكين الوصول إلى البيانات الموجودة في مصادر غير منظمة وإتاحة هذه البيانات للتكامل والتشغيل البيني مع البيانات المنظمة
• البيانات المرجعية والرئيسية: إدارة البيانات المشتركة لتقليل التكرار وضمان جودة أفضل للبيانات من خلال تعريف موحد واستخدام قيم البيانات
• تخزين البيانات وذكاء الأعمال (BI): إدارة معالجة البيانات التحليلية وتمكين الوصول إلى بيانات دعم القرار لإعداد التقارير والتحليل
• البيانات الوصفية: جمع البيانات الوصفية وتصنيفها وصيانتها ودمجها والتحكم فيها وإدارتها وتسليمها
• جودة البيانات: تحديد سلامة البيانات ومراقبتها والحفاظ عليها وتحسين جودة البيانات
عند إنشاء إستراتيجية لإدارة البيانات ، يجب مراعاة كل جانب من الجوانب المذكورة أعلاه لجمع البيانات وإدارتها وحفظها واستخدامها.
وضع إطار حوكمة المعلومات في الجامعات
إطار حوكمة المعلومات هو الهيكل الذي يوفر نظرة عامة شاملة عن التأثيرات التي تُعلم كيفية إنشاء وإدارة أصول المعلومات على مستوى المؤسسة الأكاديمية (السجلات والمعلومات والبيانات).
يعتبر فهم وتقييم وتوثيق المتطلبات القانونية والتنظيمية لمؤسستك خطوات أساسية في إضفاء الطابع الرسمي على إطار عمل حوكمة المعلومات الخاص بك والحفاظ عليه. يصف إطار حوكمة المعلومات في الجامعات ما يلي:
• البيئة الواسعة التي يتم فيها إنشاء أصول المعلومات وإدارتها
• محركات الأعمال والعوامل الأخرى التي تؤثر على إنشاء أصول المعلومات وإدارتها واستخدامها. وتشمل هذه التشريعات واللوائح والامتثال والمخاطر واحتياجات العمل
• المبادئ التي توجه إنشاء وإدارة واستخدام أصول المعلومات
• النهج الشامل في إدارة أصول المعلومات ، مع التركيز على التنسيق والتخطيط والأدوار والمسؤوليات والقيادة على مستوى المؤسسة
• مدى الالتزام بإدارة المعلومات ، بما في ذلك المصادقة عليها من الإدارة العليا.
من المهم أن تقوم الجامعات بمراجعة وتحديث إطار حوكمة المعلومات الخاص بها لدمج إدارة المعلومات على مستوى المؤسسة للسجلات والمعلومات والبيانات. وهذا يشمل تطوير إطار حوكمة المعلومات في حالة عدم وجوده
أهم العناصر اللازم توافرها في بنية إطار حوكمة المعلومات
نقدم هنا نظرة عامة تشرح أهم العناصر التي من الضروري توافرها في بنية إطار عمل حوكمة المعلومات الخاص بك:
أولاً: الغاية أو الغرض Purpose
وهنا نحن بصدد الغاية أو الغرض الذي تسبب في احتياج مؤسستك إلى إطار عمل لحوكمة المعلومات وكيف تدعم حوكمتها الشاملة. تتضمن أمثلة بيانات الغرض ما يلي:
• توجيه إنشاء واستخدام وإدارة أصول المعلومات في المؤسسة
• دعم عملية صنع القرار القوية وإدارة المخاطر والامتثال للمتطلبات الخارجية.
• تحديد نهج إدارة أصول المعلومات، وهو جزء لا يتجزأ من دعم عمليات الحوكمة الأوسع نطاقًا
يؤدي عدم إنشاء أصول المعلومات ووصفها والتقاطها وإدارتها وتخزينها بشكل صحيح إلى تعريض المؤسسة لمخاطر متزايدة. كما أن وجود إطار لحوكمة المعلومات يوفر العديد من المزايا. الأمثلة تشمل:
• تجنب الحاجة إلى إعادة إنشاء المعرفة المؤسسية باستمرار وتحسين تقديم الخدمة
• بذل وقت وجهد أقل في تحديد موقع السجلات والمعلومات والبيانات الكاملة ذات الصلة والوصول إليها
• استجابات أسرع وأكثر دقة لاحتياجات الجامعة وطلبات السجلات والمعلومات والبيانات
• انخفاض تكاليف الامتثال لطلبات حرية المعلومات والاكتشافات القانونية الأخرى
• حماية أقوى لحقوق الطلاب والعاملين في الجامعة والتخفيف من أخطار السمعة التي قد تنشأ من التعرض لوسائل الإعلام ، أو نتائج التدقيق السلبية ، أو عدم الامتثال للمتطلبات التشريعية والتنظيمية.
ثانياً: النطاق Scope
حدد أصول المعلومات لمؤسستك على نطاق واسع. وهنا لابد من التأكيد على أن إطار العمل يغطي جميع تنسيقات المعلومات المادية والرقمية التي يمكن إدارتها من خلال عمليات مختلفة. في سياق الجامعات والكليات يغطي إطار العمل جميع المعلومات التي تحتفظ بها الكلية سواء في شكل إلكتروني أو مادي بما في ذلك: البيانات الإلكترونية المخزنة والمعالجة بواسطة أجهزة الكمبيوتر الثابتة والمحمولة وأجهزة التخزين ؛ البيانات المنقولة على الشبكات ؛ المعلومات المرسلة عن طريق الفاكس أو طرق نقل مماثلة ؛ جميع السجلات الورقية ؛ الميكروفيش والمواد المرئية والتصويرية بما في ذلك الشرائح وكاميرات المراقبة ؛ البريد الصوتي والمحادثات المسجلة بما في ذلك التي تجرى وجهاً لوجه. ومن المتوقع أن يمتثل لهذا الإطار جميع العاملين والطلاب
ثالثاً: الأهداف Objectives
يجب إيصال الأهداف الأساسية للإطار بإيجاز. كما يجب أن تتوافق مع خطة وإجراءات العمل، وذلك لضمان أن إطار العمل يدعم متطلبات الأعمال التي تؤديها المؤسسة . تشمل أمثلة الأهداف ما يلي:
• تحديد المعايير والتوقعات والمسؤوليات لإدارة أصول المعلومات لجميع موظفي الجامعة بوضوح
• التأكد من أن ممارسات إدارة المعلومات في الجامعة تفي بالالتزامات القانونية ومتطلبات المساءلة واحتياجات العمل وتوقعات أصحاب المصلحة
• تقديم خدمات عالية الجودة ، ومساعدة الجامعة على الامتثال لالتزاماتها القانونية والتنظيمية والتعاقدية والحفاظ على حوكمة قوية للمؤسسة الأكاديمية
• تقديم القيمة مقابل المال وحماية الأموال العامة الموكلة إليها، ووضع ترتيبات استمرارية الأعمال المناسبة
ضرورة حوكمة المعلومات في الكليات الجامعية
الجامعات لها تاريخ طويل في الحفاظ على السجلات الأكاديمية وغيرها من العمليات التشغيلية. يساهم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفون جميعًا في المصادر المتنوعة للبيانات في الجامعات بغض النظر عن وعيهم لكيفية استخدام البيانات ولأي غرض.
حوكمة المعلومات تساعد الكليات الجامعية على الوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية من حيث الكشف المناسب عن المعلومات عند الاقتضاء ، ووضع الأطر التنظيمية لإدارة المعلومات وقواعد السلوك المهني للموافقة على تسجيل وتبادل واستخدام المعلومات وتطبيق إجراءات التشغيل وقواعد الممارسة المعتمدة من قبل الكلية، وبما يضمن أمن المعلومات المتبادلة مع أطراف ثالثة.
استخدام التقنيات الرقمية لإدارة السجلات يتطلب استثمارًا مستمرًا لمواكبة متطلبات الأجهزة والبرامج المتقدمة. كما أن الحصول على المعلومات في الوقت المناسب لدعم اتخاذ القرار دورًا رئيسيًا في العمليات اليومية للجامعة وقضايا الحوكمة.
تتطلب إدارة المعلومات القوية وجود هياكل واضحة وفعالة للإدارة والمساءلة، وعمليات حوكمة، وسياسات وإجراءات موثقة، وموظفين مدربين وموارد كافية، وبالتالي تعد إدارة المعلومات مسئولية رئيسية تقع على عاتق كل عضو في مجتمع الكلية.
0 تعليق