في العام 2014 استضافت جامعة الشرق الأوسط الدورة 47 للمؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية، للنظر في القضايا ذات العلاقة بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، ومجالات التعاون والتنسيق بين الجامعات الأعضاء في الاتحاد التابع لجامعة الدول العربية باعتباره واحدا من أذرع العمل العربي المشترك، وكان النقاش وقتئذن منصبا على مجموعة من التحديات التي تواجه المؤسسات الأكاديمية العربية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمخرجاتها، وبمعايير الجودة وتطبيقاتها، ومنزلتها في التصنيفات العالمية،  فضلا عن عناصر بنيتها المؤسسية والإدارية، ومدى تمتعها بالحرية الأكاديمية التي هي شرط من شروط الارتقاء بدورها ومكانتها في عمليات النهوض التي ترنو إليها دولنا العربية.

لم تكن مفاهيم اعتماد الحوكمة بأبعادها الثلاثة: التشاركية، والشفافية، والمساءلة قد اعتمدت بعد –إلا في حدود ضيقة– رغم القناعة التامة بأنها تشكل العامل الحاسم في إعادة صياغة السياسات العامة للجامعات بحيث تقيم قواعد البناء المؤسسي، وفق المعايير التي تضمن سلامة القرارات والإجراءات، من خلال التشاركية في اتخاذ القرار، والشفافية في المعلومات، والمساءلة في الأداء، وعلى ذلك حظيت مبادرة إنشاء مجلس للحوكمة بترحيب كبير من رؤساء وممثلي الجامعات المشاركة في تلك الدورة، وما أن انعقدت الدورة 48 في جامعة القديس يوسف بالجمهورية اللبنانية حتى تم تشكيل مجلس من تسعة رؤساء لجامعات عربية وكان بين أيدي الجميع ” دليل الحوكمة” الذي أعده فريق من الخبراء ليكون نموذجا علميا وعمليا للشروع في تطبيق معايير الحوكمة، كخطوة أولى تتبعها خطوات نحو ذلك الهدف الكبير.

حين تعتمد الجامعات مفاهيم ومعايير الحوكمة بجميع أبعادها الفكرية والتنفيذية والسلوكية، فسيكون بإمكان الجامعات التي تشكل منارات في مسيرة التنمية الشاملة لبلداننا العربية أن تكون بيوت خبرة يعتد بها لمساعدة المؤسسات العامة والخاصة عندما تقرر اعتماد الحوكمة في إدارة شؤونها وعملياتها ومخرجاتها، مهما كان نوعها، ومن أجل ذلك عقدنا من اللقاءات، وأقمنا من المؤتمرات والندوات، وقدمنا من المؤلفات والمنشورات والأبحاث ما يعيننا جميعا على التقدم إلى الأمام.

كان ذلك مجهودا مباركا يقتضي مني توجيه الشكر والتقدير لكل من ساند المبادرة، وعمل على تحويلها إلى عملية متصاعدة ومتواصلة ومفيدة، والشكر موصول إلى العاملين في الأمانة العامة من مقرها في جامعة الشرق الأوسط، على جهودهم الطيبة في تحضير وإنجاز هذا الموقع الذي يتيح للجميع فرصة الاطلاع على أعمال مجلس الحوكمة ومنجزاته، ويثري النقاش والإسهامات العلمية لمأسسة الحوكمة واعتماد مبادئها، وإشاعة ثقافتها على نطاق واسع، والله ولي التوفيق.